الحضارة المعاصرة.. وحقوق الإنسان

حتماً رعت الأديان الإلهية حقوق الإنسان حق الرعاية، واشتملت نصوصها على ما يحققها للبشر كافة، ولكنها حقاً لم تُسلِّط أحداً من البشر على أحدٍ آخر منهم، باسم هذه الحقوق، ذلك أن الحق إنما يجعله حقاً رب العباد وخالقهم، وأرسل رسلاً إلى البشر تحمي تلك الحقوق بنصوصٍ وردت منه -عز وجل- إلى رسله، ولم يترك للبشر أن يتسلَّط منهم أحد باسمها على آخرين منهم، سواء أكان فرداً أو جماعة، حكومةً كانت أم شعوباً، يتسلَّط باسمها على شعوبٍ أُخَر، ولكن هذا مع وضوحه كل الوضوح للمؤمنين برسالات الله، إلا أنه في عصرنا هذا غاب عمَّن نفضوا أيديهم وخلت قلوبهم من الإيمان، فظنوا أن حضارة ابتدعوها هي الأوفى بحقوق الإنسان، حتى جعلوا منها ما حرّمته الأديان الإلهية كلها، فجعلوا للرجل حقاً في قضاء الشهوة من رجلٍ آخر، ورغم أن البشر -كل البشر- منذ القِدَم نفروا من هكذا قذارة، إلا أن حضارة تسود اليوم تجعل التزاوج بين رجلٍ ورجل، وامرأة من امرأة، هو الأصل الذي أوجب لكل منحرفٍ عن الأديان والأخلاق، حقاً في أن يتزوج بمَن يُماثله جنساً، ويقضي شهوته منه، كما يقضي الزوج شهوته من زوجته الأنثى، وظل المنتمون إلى هذه الحضارة يُجادلون الشعوب التي لا تزال على فِطرة الأديان الإلهية في ذلك، وتعتبرهم إذا عاقبوا اللائط والملوط به إذا تراضيا على ذلك، والسحاقية التي تُساحق أُنثى مثلها قد اعتدوا على حقوق الإنسان، ثم ابتكروا حقاً للإنسان ألا يقتل قاتله وفاءً بحقه، الذي اعتدى عليه مجرم لم يرع فيه لله إلَّا ولا ذمّة، ورأى أتباع هذه الحضارة أن من حقهم أن يُحاسِبُوا مَن اتبعوا شرع الله في القصاص، واعتبروهم قد اعتدوا على حقوق الإنسان، وكأن الله قد أوحى إليهم ديناً جديداً، أسقط به كل أديان الرسل والأنبياء منذ خلق الله الكون، وحتى يوم الناس هذا، ولعلنا نتابع في مقال قادم ما أسقطت الحضارة الغربية من الحقوق، واستبدلت بها كل ما هو خبيث من القول والفعل، مما لم ينزل به الله عز وجل سلطاناً، حتى يستيقظ الناس في عصرنا هذا من غفلتهم، ويرعوا من الحقوق ما أوجبه الله فعلاً، ويتراجعوا عمَّا جعلوه حقوقاً وهو شرور نهى الله عنها وأوجب العقاب عليها.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

العالم الأول الذي افترى على الأمم!!

عشنا زمناً ونحن نتحدث عن السياسة والمتقدمين في ممارستها، حتى نعتنا دولاً بأنها العالم الأول، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: