الصهيونية العالمية والغرب

لا أشك في أن الصهيونية حركة عالمية أسُّها ولاشك اليهود، ولكن المخطط لها والمحرِّك إنما هي دول الغرب، والتي رأستها بريطانيا العظمى كما أسمت نفسها، وكادت أن تسيطر على العالم، وخططت مع باقي دول أوروبا للاستيلاء على ما أسموه تركة الرجل المريض، أي دولة الخلافة العثمانية، وتقسيم أقطارها بين تلك الدول للاستيلاء على ثرواتها وحكمها باسم الاستعمار الغربي، الذي لم يكن له مثيل في السوء آنذاك، وتسميتها دولة الخلافة إنما كانت وسيلة للاستيلاء على الأقطار العربية والمسلمة كلها، وما كانت دولة عدل تحكم بالإسلام أبداً، بل كانت دولة ظلم استغلت الأقاليم المسماة آنذاك الولايات العثمانية نسبةً لعثمان أرطغرل، الذي كان زعيم قبيلة آسيوية لا تعرف حضارة ولا مدنية، وكان المحرك الأساسي لها القومية التركية، والتي ورثت الأقاليم والأقطار الإسلامية، بعد انحسار موجة الخلافة العربية الإسلامية التي نشأت يوم ظهر الإسلام، وكادت أن تحكم العالم المعمور آنذاك، وامتد حكمها إلى أقاصي الشرق وأقاصي الغرب حتى البحر المحيط، وكانت ذات قوة عسكرية ضخمة، وذات قوة مدنية حضارية، نشأت في ظلها حضارة علمية وثقافية واجتماعية باهرة، ولما انفرط عقدها في العهد العباسي الثاني، وتفرقت الأقطار المسلمة والعربية، وأصبحت إمارات متفرقة، حتى في الأندلس، الذي كان جوهرة الدولة العربية المسلمة العظيمة، والتي انهارت، حيث تحكَّم فيها شعوبيون من شتى الأقطار التي كانت منضوية تحت لوائها، واستطاع الأتراك أن يسيطروا على الخليفة العباسي في بغداد، لأن جيش الدولة منهم، والوزراء منهم، وأصبحوا يعزلون خليفة ويُولّون آخر، بل كانوا يقتلون الخليفة ويُولون غيره، وكادت الدولة أن تنهار كلياً، واستولوا على أموالها وثروات أقاليمها، وهم كانوا بداة من آسيا لا يعرفون حضارة ولا طريقة حكم عادل، ونشأت دولة سلطانية استمرت قروناً؛ فتكت بشعوب الدول العربية المسلمة، وقاد الترك حروباً دمرت الشعوب والمدن والقرى، وأصبح الظلم سائداً، واستمر التدهور في أقاليم الدولة حتى أصبحت تنقص من أطرافها، وضاعت ثرواتها، وآل أمرها إلى ما سماه الغرب تركة الرجل المريض الذي ورثته دول الغرب وتقاسموا أقاليمه.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: