ثقافة التعصب في المجتمع السعودي

يلاحظ في مجتمعنا السعودي شدة التعصب للرأي أو المذهب أو التيار ولايجد الرأي الآخر الا لدى القلة قبولا أو احتراما, ترى هذا واضحا شديد الوضوح في ردود المختلفين في الكتب والصحف ومن فوق المنابر, بل وتجده في المجامع العلمية والدروس العلمية حتي في المساجد, مما يوحي أحيانا لغير السعوديين إلي أن هذا المجتمع لايعرف سوي التطرف في المواقف والاراء وفي كل شيء ولاتدري من أين اكتسب هذا المجتمع هذه الحدة كلها أهي لأنه مجتمع قبلي تعود أصوله إلي ذاك المجتمع الذي كان الشاعر يقول فيه:

وهل أنا الا من غزية ان غوت   ××   غويت وإن ترشد أرشد

والذي كان يقول فيه الآخر:

نحن قوم لاتوسط بيننا   ××   لنا الصدر دون العالمين أوالقبر

أم أن فكرة الدعوة إلي الدين وصحيح العقيدة هي التي أخذت دورا في زمن تعتمد الردود على كل من خالفها أو حتى ظنت أنه يخالفها وما شاب تلك الردود من كثير من الازدراء للغير واعتباره إما غاويا ضالا أو مبتدعا وفي أحيان اخري مشركا، أم أن الامرين فعلى فعلهما واختلط الامر علي الناس فاصبح الرأي محتكرا زمنا ليس باليسير حتي ظن العالم الخارجي أن المنتج الفكري لهذا المجتمع لونا واحدا لايتغير مع ما مر من اقصاء حاد لكل ماخالف هذا الرأي الواحد المقصي لغيره فأصبح سلوك الافراد يشابهه مشابهة تامة, والامر الذي اصبح خطرا عظيما علي هذا المجتمع أن الافراد فيه اذا اختلفوا اليوم استباح كل منهم عرض الآخر فاتهمه بتهم قد تسلم عنقه للسياف لو قبل قوله, ومنها ما لو صدقه الناس لأصبح وصمة عار في جبين من اتهم به وبلغ ببعض المختلفين التندر بنسب المختلف معه بل وانكاره احيانا, وكل هذا ولاشك ليس من الدين ولاصلة له به, بل هو مناقض لأحكامه وآدابه, وان استمر هذا الأمر علي هذا المنوال دون معالجة فكرية ناضجة يقوم بها العلماء والمفكرون والأدباء والمثقفون باخلاص وعلم وخبرة والا فإن هذا المجتمع سيصبح مجتمعا متنافرا يكره فيه الناس بعضهم فيتحاربون كلاميا, ويؤول ذلك الي عنف دائم فهل نفطن لهذا ونتدارك الوضع هو مارجوا والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: